“حياة الإنسان لا تقاس بطول سنينه، بل بتجاربه”، ومن الطبيعي أن تخطر كلمة “سياحة” حين نفكّر في التجارب والمغامرات، حيث تعد من أفضل الوسائل التي تساعدنا خوض تجارب مختلفة ومثيرة، وإثراء ذكرياتنا، بالإضافة إلى اختبار أنفسنا ومعتقداتنا بل واكتشافها، وتزكية معلوماتنا الإنسانية والتاريخية. تتعدد الفوائد والإيجابيات للسفر، ولكن هل هو متاح للجميع؟
بسبب الظروف والعراقيل الاقتصادية والسياسية وحتى الصحيّة الآن مع جائحة الكورونا، فإن تجربة السفر لخارج البلاد قد تكون غير متاحة بطبيعة الحال للكثيرين، ولكن هذا لا يعني بالضرورة أن يمتنعوا عن التمتّع بتجربة السفر، وتعدّ السياحة الداخلية خيارًا ممتازًا وبديلًا رائعًا!
ولكن ما المقصود بالسياحة الداخلية؟
هي ببساطة الانتقال من مدينة إلى أخرى (أو أكثر) داخل حدود بلدك رغبة في الترفيه والاستمتاع والاسترخاء. فتعرّف معنا على ثلاث أسباب أخرى تشجّعك على السفر داخل ليبيا:
- “جيبك مرتاح أكثر” – أقل تكلفة من السفر للخارج
مما لا شكّ فيه أن تكاليف السفر داخليًّا أقل بكثير من السفر إلى الخارج، حيث أن حجوزات الفنادق وحتى السفر بالطائرة عبر مدن البلاد تعدّ زهيدة إذا ما تمت مقارنته بقائمة المتطلبات المالية للاستجمام في بلاد أخرى، وتتقلّص التكلفة بناء على ما ترغب بفعله خلال السياحة، فقد يتضمن ذلك نشاطات معيّنة رياضية وترفيهية مثل الغوص، زيارة المدن الأثرية، التسابق في الصحراء، وغيرها الكثير… كلما زادت نشاطاتك، كلّما زادت التكلفة ولكنها في جميع الأحوال لا تقارن بما ستتحمله من نفقات إذا ما رغبت بالسفر ولو إلى بلد شقيق مجاور!
أسهل طريقة لتخطيط ميزانيتك للسفر داخليا هو إعداد قائمة مكتوبة بكافة المصروفات المحتملة، والنتيجة قد تشجّعك على خوض هذه التجربة… ولكن ماذا لو لم تفعل؟ إليك السبب الثاني الذي قد يساهم في تشجيعك!
- “مش حتطلع من دارك، فمش حيقل مقدارك” – بين أهلك وناسك
تجربة التعرّف على ثقافات أخرى، والحديث مع أشخاص جدد وغرباء مثيرة للغاية وإيجابية، لكن ذلك ليس متاحا فقط عبر السفر لبلدان أخرى، بل من الجائز جدًّا أنك تفتقد متعة التعرّف على ثقافات أعراق أخرى داخل حدودك! تتمتّع ليبيا بتنوّع عرقي فريد، يجمع بين العرب، والأمازيغ والتبو، وهو ما ينعكس بشكل كبير على العادات والتقاليد والموروث الإنساني والفكري والتاريخي لبلادنا، كل هذا يتاح لك استكشاف جزئيات منه خلال رحلاتك بين المناطق والمدن، والتي مهما اختلفت وتباينت إلا أن جميع الليبيّين يتّسمون بالكرم الشديد والاحتفاء بالضيف غريبًا أم “ولد بلادي”.
هذا سيجعلك تقضي وقتًا آسرا يمزج بين الإحساس بالألفة فأنت وسط أهلك، وبين الإحساس بالفضول لسبر أغوار الاختلاف والتشابه بين ما اعتدته في مدينتك أو منطقتك وبين ما تزوره من مدن.
ألا يكفيك ذلك لعقد العزم على القيام بجولة سياحية داخلية؟ لربّما السبب الثالث يدفعك أكثر لتحزم أمرك…
- “ما سمعتش بالقصة هادي من قبل…” – تتعرف على تاريخ بلدك
قد تكون قراءة كتاب تاريخي عسيرة وغير ميسّرة لكثيرين لأسباب يضيق المقام بذكرها، لذلك يغيب فيض من تاريخنا عنّا، ومن شأن السياحة الداخلية أن تساهم ولو بشكل بسيط وسطحي وجزئي من إثراء معلوماتنا التاريخية والإنسانية حول بلادنا! رحلاتك بين المدن أو المناطق ولقاؤك بسكّانها سيتيح لك بلا أدنى شك سماع قصص مثيرة للاهتمام عن هذه المدن، قد تكون أساطيرا وفولكلورًا في شكل قصص غنيّة وممتعة، أو معلومات تاريخية حقيقية عن أثر تاريخي معيّن، أو تقصّ عليك سيرة لشخصية تاريخية عظيمة خطت خطوات مشابهة لك في نفس المكان، الاحتمالات تتعدد لكن المتعة والإثارة مؤكدتان.
يمكن أن تثري مخزونك المعرفي عن بلدك بطريقة شيّقة للغاية عبر السياحة الداخلية، طريقة ستعلق بكل تأكيد في ذهنك بشكل أطول بكثير مما قد تفعله طريقة تقليدية لاكتساب المعلومات (نحن لا نزدري الطرق الكلاسيكية مثل القراءة، بل نشجّع عليها، لكن نؤكد وجود خيارات أخرى لا تغني الواحدة منها عن الثانية).
ستسمع عشرات القصص، وسيكون لديك في نهاية رحلتك السياحة قصّتك الخاصة التي ترويها بدورك…
فماذا قررت؟ هل ستحاول تجربتها العام المقبل بعون الله؟
وفي حالة سبق ولك أن قمت بالسياحة الداخلية، فشاركنا قصّتك في التعليقات!
اترك رد