لا شك أن اسم هذه المدينة الساحرة ليس بغريب عليك إن كنت ليبيّ الجنسية أو مقيما في ليبيا، بل وحتى أجنبيا فهي إحدى أشهر المدن الأثرية محليا بل وعالميا، ولكن من الجائز أيضًا أنك لم تحظى بفرصة لزيارتها من قبل، وحتّى إن فعلت، فقد يخفى عنك تاريخها العريق الذي يشكّل جزءًا هاما من هويتنا الليبية.
أسس الفنيقيون هذه المدينة الأسرة ببنياتها وتاريخها والبطولات والملاحم التي اتخذت منها موقعا رئيسيا لها، وتقع شرق مدينة الخمس على بعد حوالي 3 كم، وتحديدًا عند وادي “لبدة“، وازدهرت “لبدة” حتى ذاع صيتها في المعمورة خلال فترة حكم الرومان لها الذين اعتبروها جزءً من من امبراطوريتهم، وما تزال أثارها إحدى أجمل المعالم الأثرية ذات الطابع الروماني خارج الأراضي الإيطالية. وقبل الحديث عن عمارتها ونصبها المذهلة وإرثها الحضاري من مختلف الإمبراطوريات التي استقرت على أراضيها، يمكننا الحديث عمّن ولد من رحم هذه المدينة وخلّد اسمه في التاريخ كأحد أعظم الأباطرة الرومانيين، الامبراطور “سيبتموس سيفروس” القائد الذي اشتهر ببسالته وقوته العسكرية وصاحب الأصول الأمازيغية قد ولد في هذه المدينة الأثرية… شيدّ هذا الامبراطور الكثير من أشهر معالم مدينة لبدة، من بينها ترميمه للحمامات الساخنة التي ما يزال حوضها قائمًا في الهواء الطلق إلى هذا اليوم، بالإضافة إلى تشييده لكنسية ساحرة ضخمة ترتفع لأكثر من 30 مترًا.
بصفة عامّة، من أبرز وأشهر أثار هذه المدينة هو المسرح الأثري بها والشارع المعمّد الذي يربط وسط المدينة بمنائها… والبازليكا الشهيرة وهي أكبر المباني المشيّدة في المدينة وتتكوّن من أعمدة شاهقة وضخمة تمثّل شخصيّات تاريخيّة وطئت أقدامها تراب هذا الموقع الساحر. اكتشفت كذلك فسيفساء في المدينة تغطّي مساحة 30 قدمًا في سنة 2006 ميلادي، وتروي الرسومات البديعة المصنوعة بواسطتها حكاية محارب روماني، ومعروضة الآن في متحف لبدة.
كل مدخل وساحة وزقاق بارز أو مندثر في هذه المدينة يروى مئات الآلاف من الحكايا المدهشة عن الوجود الإنساني وإرثه التاريخي والفنّي والثقافي، والذي ينبغي أن نحفظه ونهتم به من ناحية الترميم، والأمن، والزيارة والقراءة حوله… تعرّضت المدينة لانتهاكات ونهب وتخريب طوال سنوات، ولكن جهود حثيثة من السكّان والقاطنين بالمنطقة تسعى لحمايتها قدر الإمكان.
صنّفت هذه المدينة الأثرية أو كما تعرف أيضا بـ “روما الصغيرة” كإحدى المواقع الأثرية المحمية والمسجّلة في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) لقيمتها التاريخية والإنسانية، ولأنها أيضًا من المواقع الأثرية المميزة في العالم التي ما تزال أثارها بارزة بوضوح وشاهدة على المزيج الثقافي الثريّ والمتنوّع لليبيا الفينيقية والقرطاجية والرومانية.
ومن إحدى مميزات هذه المدينة هو الموقع الجغرافي المتميّز الذي تتمتّع به وباستخدام العنوان 1000 V Khoms, Libya F4S3Y على تطبيق مكاني يمكنك الوصول إليها بسهولة.
اترك رد