قلعة سبـهــــا وتاريخها العريق

قلعة سبها

لا يوجد ليبيّ أو شخص مقيم في ليبيا لم يرى “قلعة” سبها ولو مرّة واحدة، ليس على أرض الواقع بالطبع، بل على أحد أوجه “العشرة جنيه” الليبية سابقا، فهي القلعة المرسومة على هذه الفئة من العملة، والتي وإن كان يصعب زيارتها حاليًّا، إلا أنها نصب عريق ومهم شاهد على تفاصيل تاريخية في غاية الأهمية والقيمة، فقد علت عبر أروقة ودهاليز هذا الحصن الصلب صرخات وتكبيرات المجاهدين الليبيين ضد الاستعمار الفرنسي والإيطالي على مدى أعوام وفترات مختلفة…
هذه القلعة أو الحصن يقع في أعلى ربوة بالجنوب الشرقي لمدينة سبها، ويختلف المؤرّخون في عمرها، ويرجّح بعضهم أنه يتجاوز 500 سنة! كما أن مصادرا تاريخية تتناقل أنها ﺷﻴﺪﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻧﻘﺎﺽ ﺑﻨﺎﺀ ﻗﺪﻳﻢ ﻳﻌﻮﺩ ﺗﺎﺭﻳﺨﻪ لأﻛﺜﺮ ﻣﻦ 2500 ﻋﺎﻡ، وﻳﺮﺟﺢ ﺃﻧﻪ ﻳﻌﻮﺩ ﺍﻟﻰ ﺣﻘﺒﺔ ﺍﻟﺠﺮﻣﻨﺖ..

ومهما اختلفنا في زمن تشييدها، فيظّل مسجّلا تاريخيًّا أنها شهدت عمليات ترميم متعددة على مدار السنوات، سواء من العثمانيين أو من الاحتلال الإيطالي الذي أعاد بناءها من جديد، وكلاهما اتخذها نقطة تمركز عسكرية مدججة بالسلاح والذخيرة والجنود والمراقبين، لتحصين أملاكهم والأراضي المحتلة، إلا أن أسماءها اختلفت باختلاف مستعمرها، فعرفت عند المحتل الإيطالي بقلعة “إيلينا(Elena’s Castle)، بالإضافة إلى حصن “مارغريتا” (Fortezza Margherita)، و”القاهرة“، نسبة لإحدى قرى مدينة سبها والمعروفة باسم “القاهرة”…
شهدت هذه القلعة هجمات كثيرة من المجاهدين البواسل الذين لم يفقدوا الأمل في تحرير وطنهم من الاستعمار بالرغم من الفارق الشاسع في العدة والعتاد بينهم وبين من يقاومون… وتروي إحدى القصص للناجي الوحيد -حسب المصادر- من إحدى صولات وجولات المجاهدين في إقليم فزّان وتعرف بمعركة “قاهرة سبها“، ويدعى هذا المجاهد “الشيخ الباكاي” أن خمسين مجاهدا آخرا من بينهم هو قد تمكّنوا فعلا من اقتحام الحصن، ويذكر قائلا: «تمكنا باستثمار عنصر المباغتة من اقتحام البوابة بعدما قتلنا الحراس الفرنسيين الثلاثة، وولجنا ردهات القلعة مهللين مكبرين، كان معظم الجنود الفرنسيين يغطون في نومهم».
استقرت راية بيضاء تحمل عبارة “لا إله إلا الله محمد رسول الله” مكان العلم الفرنسي في أعلى القلعة عقب ذلك الاقتحام، وتردد صدى التكبيرات في الأرجاء مما أثار الفزع في نفوس الجنود المستعمرين الفرنسيين، وعلى حد قول المجاهد “الشيخ الباكاي” فإن بعضهم فرّ بالقفز من نوافذ القلعة!
سجلّ هذا الحصن شأنه شأن العديد من الآثار الليبية كأحد المواقع الأثرية المحمية في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) لقيمته التاريخية والإنسانية، إلا أنه يعاني ويلات الدمار والتخريب التي لحقته طيلة السنوات الماضية، ويظلّ إلى يومنا هذا شاهدًا على تاريخنا الذي يكتب في هذه اللحظات…

لزيارة واستكشاف المكان يمكنك الوصول اليه من خلال العنوان التالي: 1003 V Sabha, Libya H4Y3G على تطبيق مكاني